مر على هذا الموقف قرابة العشرون عاماً ... لكنه مازال يقبع في مخيلتي , أتذكره في كل حين , أشعر بالارتياح عندما تداعبه ذاكرتي .
آخذ نفس عميق وابتسم بنوع من الخجل , وافتخر به كثيراً وأذكره لمن يعز علي ...
كنت في الصف الرابع الابتدائي وفي يوم من الأيام عزم أبي - رحمة الله عليه - وأسكنه فسيح جناته , السفر إلى المنطقة الجنوبية وبالتحديد منطقة الباحة , قال لوالدتي - حفظها الله - وأنا موجود سوف آخذ يوسف معي حتى يكون لي عوناً بعد الله سبحانه وتعالى في أي شيء أريده , لم أصدق فرحت فرحاً شديداً حظنته وقبلت رأسه ورأس والدتي , وذهبت لأخلد إلى النوم مبكراً من شدة الفرحة ...
وصلنا إلى منطقة الباحة كان الجو عاصفاً ممطراً باردا جداً , دخلنا إلى المنزل وتعشينا ونمنا مبكراً من الإرهاق ... طلع الفجر وشعشع الصبح , وإذ بأبي يوقظني .. يوسف يوسف هيا .. هيا ... لقد تأخرنا , سمعت صوته وتجاهلت ... كرر ذلك كثيراً ... قلت لأبي لا اريد الذهاب معك دعني أنام .. وبعد محاولات نهظت من الفراش .... صلينا الفجر و سألني ماذا بك لما ذا انت غضبان ؟!!!
فقلت لأبي لماذا لم تغطيني باللحاف وأنا نائم , أشعر بالبرد ... ابتسم أبي ولم يرد علي وذهب وأحضر لي " جاكيت " وقال البسه و سوف تخرج الآن في الشمس وستشعر بالدفء ... ذهبنا ..
قابلنا عمي - رحمة الله عليه - عزمنا على تناول وجبة الافطار .. جلسنا على المائدة ... وفي اثناء ذلك , قال أبي أتعلمون ماذا فعل يوسف .....
نظرت إلى أبي بدهشة ودقات قلبي تخفق بسرعة ... طأطأت رأسي أصبحت افتت الخبز وأقول في نفسي لا لا لا لا تقول لهم ذلك
أتعلمون ماذا قال أبي - رحمة الله عليه - " ما شاء الله على يوسف قام من النوم ليلاً ليغطيني باللحاف" .. لم أصدق هدأت نفسي ابتسمت , نظرت إلى وجهه المشرق وأرسلت له قبلة من الأعماق على جبينه , لتعلن للجميع بأنك أعظم أب بالنسبة لي ... وأصبح الجميع على تلك المائدة يشيدون بي ويحيونني ...
ذاك الموقف أيها الإخوة بل الأحرى تعامل والدي .. أعطاني درساً عظيماً في حياتي , بنيت عليه أشياء كثيرة , في فن التعامل وكيف أصير الأمور , وأن أحاول دائماً أن لا أتسرع في الرد .. وأن أشيد بأعمال وأفعال الآخرين ... وغيرها وغيرها
لم يكن أبي متعلماً , لم يلتحق بأي دورة تعليمية أو تثقيفية عل يد أساتذة كما هو حالنا الآن ..
بل كان مسلماً دييناً خلوقاً متواضعاً مبتسماً , متمسكاً بكتاب الله وسنة نبيه , ومطبقاً لتعاليم ديننا الحنيف
رحمك الله يا أبي رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته



15 التعليقات:
السلام عليكم ورمة الله
لا يا اخى والدك كان متعلما وباسلوب راسخ
فمن يتمسك بتعاليم الدين واخلاقيات المصطفى هو من تعلم وافاد
وانت نتاج تعليمه وخير دليل على ذلك العلم
رحم الله اموات المسلمين وغفر ذنوبهم والحقنا بهم فى الصالحين
جزاك الله خيرا لهذا الوفاء الطيب اخى الفاضل
وبارك لك فى اولادك ودعائى ان يكونوا خير عون لك ان شاء الله فى كل مايرضاه الله
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته،
الكلام لا يُعَلِّمُ الإنسان دائما، لكن السلوك هو من يطبع الإنسان ويمس في الوجدان، ويؤدى الوظيفة المرجوة بدون حتى الكلام.
الله يرحمه ويجعل ويؤنس وحشته في القبر يارب ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ..
بالفعل لو نذكر كثير من المواقف مع والدينا سنعرف
أنهم تعلموا ذلك من الفطرة والعادات
ونسال الله أن يعينا علة تربية أبناءنا
وبصمة الأفعال تؤثر أكثر من بصمة الكلام
اغرورقت عيناي بالدموع اخي الكريم ابو الياس
رحمه الله من والد حكيم ومربي فاضل
نسأل الله ان تبقى له ذلك الولد الصالح الذي ينفعه دعائك في قبره
بوركت ابى الياس
lolocat ... علاء الدين ... sen ... آلاء فيصل
أشكرلكم مروركم العطر ... وتقبل الله دعاءكم ... والله لا يوريكم مكروه .
دمتم بحفظ الله ورعايته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هكذا يكون الأب حقاً ويكفيه أنه تخرج من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ...فهكذا كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتصرف بحكمة ولا يتسرع في الرد ..
ومن الواجب على كل انسان وخاصة المربي أن لا يتسرع في الحكم ولا الرد ولا حتى التوجيه أو العتب ...
رحمه الله رحمه واسعه وغفر له وجعله من أصحاب النعيم .
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الله يرحمه و يسكنه الفردوس الأعلى ^^ ذكرى رائعة و مفيدة شاركتنا بها دمت بود
الحب يدفع الإنسان إلى
خلق المواقف اللطيفة لتسعد
من يحب !
تحياتي
= )
موقف مؤثر
يكشف كم هي شفافة عوالم الأطفال
الأمر الذي يستدعي ضرورة وجود قلوب شفافة كقلب أبيك
ولاء..آلاء .. ريشة ليوناردو .. أحمد شمسان
تحياتي لكم ولمروركم العطر ... أتمنى لكم كل خير
كيف للعقل أن ينسى موقف كهذا ..!
لله درهم من آباء مواقفهم وأقوالهم تنطبع في الذاكرة
ونستخلص منها السلوكيات ..
رحم الله والدك وأسكنه الفردوس الأعلى وجميع موتى المسلمين
آباؤنا ... كم نذكر لهم مواقف علمونا اياها لا تنسى
ليس التعليم بمقياس ابداً في طريقة التربية وان كان لها اثر
لكن آباءنا قد اكتسبوا خبرة لا يمكن أن نجدها في مدارس الدنيا
وسيبقون هم المدرسة الأكبر والاغنى
رحم الله والدك اخي ابو الياس
وأبقى آباءنا لنا نبراساً لنا في طريقنا
موقف جدا رائع ..
يُظهـر لنا مدى شفافية وحنان الاباء . وكيف ترك بصمة مميزة في الحياة
وانت خير دليل على حسن تربية والدك رحمه الله ..
ماأجمل الأيام القديمة . لاغزو فكري
ولا جيل مستهتر
الايام تختلف
والجيل يختلف
وكذلك تربية الاباء اختلفت ...
للأسف أصبح الاباء منشغلين بجمع المال وباهتماماتهم الخاصة
مع عدم شعورهم بان خلفهم جيل يجب تربيته والاهتمام به ...
رحم الله والدك ..وأسكنه فسيح جناته
وحفظ لك ابنائك وشريكة حياتك
تحياتي ...
ماشاء الله موقف يحق لك ألا تنساه
واجعل كهذا الموقف شفاعة في دعائك كموقف تستعين به في قضاء الحوائج
كما فعل أصحاب الكهف الثلاثة عندما انطبقت عليهم الصخرة .
الجوهرة .. آلاء ..هيفاء .. محمد اللغبي
تحياتي لكم ولوجودكم العطر دمتم بود
إرسال تعليق
شرف لي أن تحمل صفحاتي كلماتك.